كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الفتوحات المكية: وإنما لم يعطف المصلي السلام الذي سلم به على نفسه بالواو على السلام الذي سلم به على نبيه أي: لم يقل والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين بعد قوله السلام عليك أيها النبي لأنه لو عطفه عليه وقال والسلام علينا على نفسه من جهة النبوة وهو باب قد سده الله كما سد باب الرسالة عن كل مخلوق بمحمد إلى يوم القيامة وتعين بهذا أنه لا مناسبة بيننا وبين رسول الله فإنه في المرتبة التي لا ينبغي لنا فابتدأنا بالسلام علينا في طورنا من غير عطف والمقام المحمدي ممنوع دخوله لنا وغاية معرفتنا بالنظر إليه كما تنظر الكواكب في السماء وكما ينظر أهل الجنة السفلى إلى من هو في عليين.
وقد وقع للشيخ أبي يزيد البسطامي في مقام النبي قدر خرم إبرة تجليًا لا دخولًا فاحترق.
وفي الفصوص وشرحه للجامي لا نبي بعده مشرعًا أو مشرعًا له والأول هو الآتي بالأحكام الشرعية من غير متابعة لنبي آخر قبله كموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام والثاني هو المتبع لما شرعه له النبي المقدم كأنبياء بني إسرائيل إذ كلهم كانوا داعين إلى شريعة موسى فالنبوة والرسالة منقطعتان عن هذا الموطن بانقطاع الرسول الخاتم فلم يبق إلا النبوة اللغوية التي هي الأنباء عن الحق وأسمائه وصفاته وأسرار الملكوت والجبروت وعجائب الغيب ويقال لها الولاية وهي الجهة التي تلي الحق كما أن النبوة هي الجهة التي تلي الحق فالولاية باقية دائمة إلى قيام الساعة.
يقول الفقير: كان له عليه السلام نوران: نور النبوة، ونور الولاية، فلما انتقل من هذا الموطن بقي نور النبوة في الشريعة المطهرة وهي باقية فكأن صاحب الشريعة حي بيننا لم يمت وانتقل نور الولاية إلى باطن قطب الأقطاب يعني ظهر فيه ظهورًا تامًا فكان له مرآة وهو واحد في كل عصر ويقال له قطب الوجود وهو مظهر التجلي الحقي.
وأما قطب الإرشاد فكثير وهم مظاهر التجلي العيني.
قال في هدية المهديين: أما الإيمان بسيدنا محمد عليه السلام فإنه يجب بأنه رسولنا في الحال وخاتم الأنبياء والرسل فإذا آمن بأنه رسول ولم يؤمن بأنه خاتم الرسل لا نسخ لدينه إلى يوم القيامة لا يكون مؤمنًا.
وقال في الأشباه في كتاب السر: إذا لم يعرف أن محمدًا عليه السلام آخر الأنبياء فليس بمسلم لأنه من الضروريات.
وفي الآية إشارة إلى قطع نسبه عن الخلق لأنه نفي الأبوة لرجال الناس وإلى إثبات نسبه لأولاده وآله ففي قوله: {مِّن رِّجَالِكُمْ} تشريف لهم وإنهم ليسوا كرجالهم بل هم المخصوصون بزيادة الأنعام لا ينقطع حسبهم ونسبه كما قال عليه السلام: «كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبي» أي: فإنه يختم باب التناسل برجل من أهل البيت من صلب المهدي خاتم الخلافة العامة وخاتم الولاية الخاصة ولا يلزم من ذلك أن يكون منهم أنبياء ولو جاء بعده نبي لجاء علي رضي الله عنه لأنه كان منه عليه السلام بمنزلة هارون من موسى فإذا لم يكن هو نبيًا لم يكن الحسنان أيضًا نبيين لأنهما لم يكونا أفضل من أبيهما.
قال بعض الكبار: الحسب في الحقيقة الفقر والنسب التقوى فمن أراد أن يرتبط برسول الله وأن يكون من آله المقبولين فليرتبط بهذين.
قال في حل الرموز: الختم إذا كان على الكتاب لا يقدر أحد على فكه كذلك لا يقدر أحد أن يحيط بحقيقة علوم القرآن دون الخاتم وما دام خاتم الملك على الخزانة لا يجسر أحد على فتحها ولا شك أن القرآن خزانة جميع الكتب الإلهية المنزلة من عند الله ومجمع جواهر العلوم الإلهية والحقائق اللدنية فلذلك خص به خاتم النبيين محمد عليه السلام ولهذا السر كان خاتم النبوة على ظهره بين كتفيه لأن خزانة الملك تختم من خارج الباب لعصمة الباطن وما في داخل الخزانة.
وفي الخبر القدسي: «كنت كنزًا مخفيًا» فلابد للكنز من المفتاح والخاتم فسمي عليه السلام بالخاتم لأنه خاتمه على خزانة كنز الوجود وسمي بالفاتح لأنه مفتاح الكنز الأزلي به فتح وبه ختم ولا يعرف ما في الكنز إلا بالخاتم الذي هو المفتاح قال تعالى: فأحببت أن أعرف فحصل العرفان بالفيض الحبي على لسان الحبيب ولذلك سمي الخاتم حبيب الله لأن أثر الختم على كنز الملك صورة الحب لما في الكنز وفي صفاته عليه السلام: بين كتفيه خاتم النبوة ووجه كونه بين كتفيه يعرف مما نقله الإمام الدميري في حياة الحيوان أن بعض الأولياء سأل الله تعالى أن يريه كيف يأتي الشيطان ويوسوس فأراه الحق تعالى هيكل الإنسان في صورة بللور وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجاء الخناس يتجسس من جميع جوانبه وهو في صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فأدخل خرطومه قبل قلبه فوسوس إليه فذكر الله فخنس وراءه ولذلك سمي بالخناس لأنه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر في القلب وكان خاتمه مثل زرّ الحجلة وهو طائر على قدر الحمامة أحمر المنقار والرجلين ويسمى دجاج البر.
قال الترمذي وزرّها بيضها.
قال الدميري والصواب حجلة السرير واحدة الحجال وزرّها الذي يدخل في عروتها وكان حول ذلك الخاتم شعرات مائلة إلى الخضرة مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله أو محمد نبي أمين أو غير ذلك كما قال في السبعيات: كان خاتم النبوة بتخيخ هيصور توجه حيث شئت فإنك منصور والتوفيق بين الروايات بتعدد الخطوط وتنوعها بحسب الحالات والتجليات أو بالنسبة إلى أنظار الناظرين ولكون ما بين الكتفين مدخل الشيطان كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لأنه يجري وسوسته مجرى الدم وعصم عليه السلام من وسوسته لقوله: «أعانني الله عليه فأسلم» أي: بالختم الإلهيّ وما أسلم قرين آدم فوسوس إليه لذلك.
وفي سفر السعادة: أن النبي عليه السلام لما سحره اليهوديّ ووصل المرض إلى الذات المقدسة النبوية أمر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة في كل متضرر في السحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة ومن لا حظ له في الدين والإيمان يشكل هذا العلاج وفي الحديث: «الحجامة في الرأس شفاء من سبع» من الجنون، والصداع، والجذام، والبرص، والنعاس، ووجع الضرس، وظلمة يجدها في عينيه والحجامة في وسط الرأس وكذا بين الكتفين نافعة. وتكره في نقرة القفاء فإنها تورث النسيان.
قال بعضهم: الحجامة في البلاد الحارة أنفع من الفصد وروي أنه عليه السلام ما شكا إليه رجل وجعًا في رأسه إلا قال: «احتجم» ولا وجعًا في رجليه إلا قال: «أخضبه» وخير أيام الحجامة يوم الأحد والإثنين.
وجاء في بعض الروايات النهي عن يوم الأحد واختار بعضهم يوم الثلاثاء وكرهه بعضهم وتكره يوم السبت والأربعاء إلا أن يكون قد غلب عليه الدم وخير أزمانها الربيع بعد نصف الشهر في السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين فالأولى أن تكون في الربع الثالث من الشهر لأنه وقت هيجان الدم وتكره في المحاق وهو ثلاثة أيام من آخر الشهر ولا يستحب أن يحتجم في أيام الصيف في شدة الحر ولا في شدة البرد في أيام الشتاء وخير أوقاتها من لدن طلوع الشمس إلى وقت الضحى وتستحب الحجامة على الريق فإنها شفاء وبركة وزيادة في العقل والحفظ وعلى الشبع داء إلا إذا كان به ضرر فليذق أولًا شيئًا قليلًا ثم ليحتجم وإذا أراد الحجامة يستحب أن لا يقرب النساء قبل ذلك بيوم وليلة وبعده مثل ذلك ولا يدخل في يومه الحمام وإذا احتجم أو افتصد لا ينبغي أن يأكل على أثره مالحًا فإنه يخاف منه القروح أو الجرب ولا يأكل رأسًا ولا لبنًا ولا شيئًا مما يتخذ من اللبن ويستحب على أثره الخل ليسكن ما به ثم يحسو شيئًا من المرقة ويتناول شيئًا من الحلاوة إن قدر عليه كما في بستان العارفين والله الشافي وهو الكافي.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ}.
بما هو أهله من التهليل والتحميد والتكبير ونحوها.
والذكر إحضار الشيء في القلب أو في القول وهو ذكر عن نسيان وهو حال العامة أو إذامة الحضور والحفظ وهو حال الخاصة إذ ليس لهم نسيان أصلًا وهم عند مذكورهم مطلقًا {ذِكْرًا كَثِيرًا} في جميع الأوقات ليلًا ونهارًا صيفًا وشتاء وفي عموم الأمكنة برًا وبحرًا سهلًا وجبلًا وفي كل الأحوال حضرًا وسفرًا صحة وسقمًا سرًا وعلانية قيامًا وقعودًا وعلى الجنوب وفي الطاعة بالإخلاص وسؤال القبول والتوفيق وفي المعصية بالامتناع منها وبالتوبة والاستغفار وفي النعمة بالشكر وفي الشدة بالصبر فإنه ليس للذكر حد معلوم كسائر الفرائض ولا لتركه عذر مقبول إلا أن يكون المرء مغلوبًا على عقله.
وأحوال الذاكرين متفاوتة بتفاوت أذكارهم.
فذكر بعضهم بمجرد اللسان بدون فكر مذكوره ومطالعه آثاره بعقله وبدون حضور مذكوره ومكاشفة أطواره بقلبه وبدون أنس مذكوره ومشاهدة أنواره بروحه وبدون فنائه في مذكوره ومعاينة أسراره بسره.
وهذا مردود مطلقًا.
وذكر بعضهم باللسان والعقل فقد يذكر بلسانه ويتفكر مذكوره ويطالع آثاره بعقله لكن ليس له الحضور والإنس والفناء المذكور وهو ذكر الأبرار مقبول بالنسبة إلى الأول.
وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب فقط بدون الإنس والفناء المذكور وهو ذكر أهل البداية من المقربين مقبول بالنسبة إلى ذكر الأبرار وما تحته.
وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب والروح والسر جميعًا وهو ذكر أرباب النهاية من المقربين من الأنبياء والمرسلين والأولياء الأكملين وهو مقبول مطلقًا وللإرشاد إلى هذه الترقيات قال عليه السلام: «إن هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد» قيل: يا رسول الله فما جلاؤها؟ قال: «تلاوة كتاب الله وكثرة ذكره» فبكثرة الذكر يترقى السالك من مرتبة اللسان إلى ما فوقها من المراتب العالية ويصقل مرآة القلب من ظلماتها وأكدارها.
ثم إن ذكر الله وإن كان يشتمل الصلاة والتلاوة والدراسة ونحوها إلا أن أفضل الأذكار لا إله إلا الله فالاشتغال به منفردًا مع الجماعة محافظًا على الآداب الظاهرة والباطنة ليس كالاشتغال بغيره.
وقال بعضهم: الأمر بالذكر الكثير إشارة إلى محبة الله تعالى يعني أحبوا الله لأن النبي عليه السلام قال: من أحب شيئًا أكثر من ذكره فأوجب الله محبته بالإشارة في الذكر الكثير وإنما أوجبها بالإشارة دون العبارة الصريحة لأن أهل المحبة هم الأحرار عن رق الكونين والحر تكفيه الإشارة وإنما لم يصرح بوجوب المحبة لأنها مخصوصة بقوم دون سائر الخلق كما قال: {فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] فعلى هذا بقوله: {فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] يشير إلى أحبوني أحببكم: {وَسَبِّحُوهُ} ونزهوه تعالى عما لا يليق به.
قال في المفردات: السبح المر السريع في الماء أو في الهواء والتسبيح تنزيه الله وأصله المر السريع في عبادة الله وجعل عامًا في العبادات قولًا كان أو فعلًا أو نية {بُكْرَةً وَأَصِيلا} أي: أول النهار وآخره وقد يذكر الطرفان ويفهم منهما الوسط فيكون المراد سبحوه في جميع الأوقات خصوصًا في الوقتين المذكورين المفضلين على سائر الأوقات لكونهما مشهودين على ما دل عليه قوله عليه السلام: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» وإفراد التسبيح من بين الأذكار لكونه العمدة فيها من حيث أنه من باب التحلية وفي الحديث: «أربع لا يمسك عنهن جنب سبحان الله والحمدولا إله إلا الله والله أكبر» فإذا قالها الجنب فالمحدث أولى فلا منع من التسبيح على جميع الأحوال إلا أن الذكر على الوضوء والطهارة من آداب الرجال.
وفي كشف الأسرار: وسبحوه أي: صلوا به بكرة يعني صلاة الصبح وأصيلا يعني صلاة العصر أين تفسير موافق آن خبرست كه مصطفى عليه السلام كفت «من استطاع منكم أن لا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس ولا غروبها فليفعل» ميكويد هركه تواند ازشماكه مغلوب كارهًا وشغل دنيوي نكردد برنماز بامداديش از برآمدن آفتاب ونماز ديكر يش ازفروشدن آفتاب بانين كند اين هردو نماز بذكر مخصوص كردد ازبهر آنكه بسيار افتد مردم را اين دو وقت تقصير كردن درنماز وغافل بودن ازان اما نماز بامداد بسبب خواب ونماز ديكر بسبب امور دنيا ونيز شرف اين دونماز درميان نمازها يداست نماز بامداد شهود فرشتكانست لقوله تعالى: {إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] يعني تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ونماز ديكر نماز وسطى است كه رب العزة كفت {حَافِظُوا عَلَى} وفي الحديث: «ما عجت الأرض إلى ربها من شيء كعجيجها من دم حرام أو غسل من زنى أو نوم عليها قبل طلوع الشمس» والله تعالى يقسم الأرزاق وينزل البركات ويستجيب الدعوات فيما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس فلابد من ترك الغفلة في تلك الساعة الشريفة وفي الحديث: «من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» ومن هنا لم يزل الصوفية المتأدبون يجتمعون على الذكر بعد صلاة الصبح إلى وقت صلاة الإشراق فللذكر في هذا الوقت أثر عظيم في النفوس وهو أولى من القراءة كما دل عليه قوله عليه السلام: «ثم قعد يذكر الله» على ما في شرح المصابيح ويؤيده ما ذكر في القنية من أن الصلاة على النبي عليه السلام والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن في الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها.
وذكر في المحيط أنه يكره الكلام بعد انشقاق الفجر إلى صلاته وقيل بعد صلاة الفجر أيضًا إلى طلوع الشمس وقيل إلى ارتفاعها وهو كمال العزيمة.
قال بعض الكبار: إذا قارب طلوع الشمس يبتدىء بقراءة المسبعات وهي من تعليم الخضر عليه السلام علمها ابراهيم التيمي وذكر أنه تعلمها من رسول الله صلى الله عليه وسلّم وينال بالمداومة عليها جميع المتفرق في الأذكار والدعوات وهي عشرة أشياء: سبعة سبعة الفاتحة والمعوذتان وقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وآية الكرسي وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والصلاة على النبي عليه السلام وآله بأن يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم والاستغفار بأن يقول اللهم اغفر لي ولوالديّ ولجميع المؤمنين والمؤمنات وقوله سبعًا اللهم افعل بنا وبهم عاجلًا وآجلًا في الدين والدنيا والآخرة ما أنت له أهل ولا تفعل بنا وبهم يا مولانا ما نحن له أهل إنك غفور حليم جواد كريم رءوف رحيم.
روي أن إبراهيم التيمي لما قرأ هذه بعد أن تعلمها من الخضر رأى في المنام أنه دخل الجنة ورأى الملائكة والأنبياء وأكل من طعام الجنة ومكث أربعة أشهر لم يطعم لكونه أكل من طعام الجنة ويلازم الذاكر موضعه الذي صلى فيه مستقبل القبلة إلا أن يرى انتقاله إلى زاوية فإنه أسلم لدينه كيلا يحتاج إلى حديث أو نحوه مما يكره في ذلك الوقت فإن حديث الدنيا ونحوه يبطل ثواب العمل وشرف الوقت فلابد من محافظة اللسان عن غير ذكر الله ومحافظة القلب عن غير فكره فإن اللسان والقلب إذا لم يتوافقًا كان مجرد ولولة الواقف على الباب وصوت الحارص على السطح، نسأل الله الحركات التي تورث البركات إنه قاضي الحاجات.
{هُوَ الذي يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلَائكَتُهُ} عطف على المستكن في يصلي لمكان الفصل المغني عن التأكيد بالمنفصل أي: ويعتني ملائكته بالدعاء والاستغفار فالمراد بالصلاة المعني المجازي الشامل للرحمة والاستغفار وهو الاعتناء بما فيه خيرهم وصلاح أمرهم.
وعن السدي قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: أيصلي ربنا فكبر هذا الكلام عليه فأوحى الله إليه أن قل لهم إني أصلي وإن صلاتي رحمتي التي تطفىء غضبي وقيل له عليه السلام ليلة المعراج: «قف يا محمد فإن ربك يصلي» فقال عليه السلام: إن ربي لغني عن أن يصلي فقال تعالى: «أنا الغني عن أن أصلي لأحد وإنما أقول سبحاني سبحاني سبقت رحمتي غضبي اقرأ يا محمد هو الذي يصلي عليكم وملائكته الآية فصلاتي رحمة لك ولأمتك» فكانت هذه الآية إلى قوله: رحيمًا مما نزلت بقاب قوسين بلا وساطة جبريل عليه السلام.